تعد إسبانيا وجهة لآلاف المهاجرين الذين يدخلون أوروبا سنويًا، حيث تم تسجيل فيها أعلى معدل توظيف بالمقارنة مع باقي الدول الأروبية ، حيث أن 80% من الوفدين يحصلون على وظائف. ورغم أن هذه النسبة تبدو مشجعة، إلا أنها لا تعكس الواقع الصعب الذي يعيشه كثير من المهاجرين في البلاد، الذين يضطرون للعمل في القطاع غير الرسمي بسبب نقص فرص العمل.
تشير دراسة حديثة للبنك الوطني إلى أن العثور على عمل في إسبانيا أسهل من أي دولة أخرى في الاتحاد الأوروبي، إذ يبلغ معدل تشغيل المهاجرين الحاصلين على تصاريح إقامة 78%، متفوقًا بذلك على ألمانيا (73%) وإيطاليا (71%) وفرنسا (70%).
تأتي هذه الأرقام كاستجابة لظروف اقتصادية إيجابية بعد جائحة كورونا. فمنذ عام 2020، تسارع وصول المهاجرين إلى سوق العمل، حيث شكلوا 30% من إجمالي الوظائف التي تم إنشاؤها في إسبانيا منذ تلك الفترة، أي نحو 2.67 مليون شخص وفقًا لبيانات الضمان الاجتماعي.
الجزء الأكبر من هؤلاء المهاجرين يأتي من أمريكا الجنوبية، وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، والمغرب، والجزائر، حيث يمثل الأمريكيون اللاتينيون 65% من الأجانب المقيمين في البلاد.
يعمل هؤلاء في قطاعات مثل الضيافة، والتجارة، والبناء. كما تزداد الفرص في الوظائف التي لا تتطلب مؤهلات عالية، مثل مراكز الاتصال والخدمات ذات الأجور المنخفضة.
لكن الوضع بدأ يتحسن مع مرور الوقت. فمنذ عام 2008، لاحظ البنك الإسباني زيادة في عدد المهاجرين العاملين في الوظائف الأكثر تأهيلاً. على سبيل المثال، ارتفعت نسبة المهاجرين في مجال الاتصالات من 2% إلى 12%، وفي قطاع الصحة من 1.6% إلى 3.3%. ومع ذلك، لا تزال هناك فجوة بين المهارات المتوفرة والوظائف المتاحة، حيث أن 50% من العمال الأجانب في إسبانيا يُعتبرون زائدون عن الحاجة.
ومع ذلك، اتخذت إسبانيا عدة خطوات لتسهيل حصول المهاجرين على العمل. ففي سبتمبر 2022، أصدرت الحكومة إصلاحًا يسمح للعديد من المهاجرين، بمن فيهم من هم في وضع غير قانوني، بالحصول على تصاريح إقامة، بشرط إثبات الإقامة لمدة عامين والالتحاق بتدريب في القطاعات التي تعاني من نقص في العمالة مثل السياحة والنقل والزراعة والبناء.
إن التحسينات المستمرة في سياسة العمل ستتيح للمهاجرين فرصة أفضل لبناء حياة مستقرة في إسبانيا، حتى في ظل التحديات القائمة.
نقترح عليك قراءة المقال التالي: الهجرة غير النظامية إلى إسبانيا: واقع معقد وتحديات متعددة